العــرب في الـعصر الـجاهلي و ضياع الهوية العربية.
من يقرأ تاريخ العرب في العصر الجاهلي يجد أن هذه القبائل العربية و التي تتوزع على تلك الأرض الصفراء الرملية الملتهبة، و التي لا يعرف أهلها غير لغة الغزو والغارات والصراع الفكري و العقائدي تحت سطوة السيف في ظل الإعتراك المستعر و الملتهب فوق صحراء الجزيرة العربية.
لهذا فإن كل شيء مباح دون منازع، فلا شيء يمنع و يحرم سفك الدماء فيما بين القبائل ، ليكون المانع الشرعي هو المعتقد الديني ، والاخلاقي مثل، اللغة و النسب ، و يتسع شرخ الصراعات في ظل هذا الخلاف و الإختلاف الفكري والعقائدي ، و كما في قول "أبو عمر بن العلاء البصري" ( ما لغة حمير وأقاصي اليمن بلغتنا ولا عربيتهم كعربيتنا) ..؟ حيث لا يوجد ما يجمـع بينهم مثل ( اللـغة الموحدة و لا النسب الجامع) و هذا ما قيل ليس الطعن فيهم فقط بل هو إستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم .
• "العرب" وضياع الهوية العربية
وبالرغم من إشراق شمس الإسلام على أرض الجزيرة العربية، الإ أن تلك الأقوال كان لها الأثر والاحترام عند وقوف الباحثين و المحققين الذين يمرون على صفحات التاريخ الى يومنا هذا، بيد أننا نجد ما أعتمده كبير علماء الأمة الاسلامية، المحدث (عبد الله بن عباس) والذي أعتمد في تفسير القران والحديث على إدخال الكثير من مفردات أهل اليمن، مشيراً إلى أن أصل تلك المفردات هي مفردات أهل اليمن.
وبالتالي لا يوجد ما يوقف ذلك الرأي ، بل أستمرت مقولة " أبو عمر ابن العلاء البصري" و التي تبقى تشحذ الأقلام والعقول، لما له من مكانة معتبرة في وسط تتطاحن فية الدراسات اللغوية، و كيف لا و هو صاحب الكأس المعلى والمقام الاعتباري الرفيع، لكونه هو أحد القراء السبعة، و قد وافق قول " إبن العلاء" فيما ذهب إلية علماء اللغة، كان آخرهم الفيلسوف الكاتب الدكتور "طه حسين" (رحمه الله) والذي أوضح و بين العديد من الموارد العلمية في كتابة "الشعر الجاهلي".
وهذه المقولة أعتقد ، أنها مثلت الشك الذي هدم حقيقة اللغة العربية الموحدة، إذ كيف يمكن القبول بعدم عروبية قبيلة مثل "حـميـر" وهم أصـل أهل اليمن آنذاك، كما نظن.. ؟
في حين تجمع جميع المراجع العلمية والدراسات التاريخية على أن" اليمن" هو أصل العرب و هو موطن العرب الأول، وهذا ما يبين و يشير لنا حدة التشتت والصراع الواضح و القطيعة فيما بينهم، فلا يوجد رابطة تجمع شتاتهم، كالمعتقد الديني و اللغة الموحدة والنسب الجامع ، فهم على عقائد شتى وجدلَ دائم .
•"العرب" بين عبادة الأوثان و عقائد أخرى.
قليل من العرب في العصر الجاهلي من ثبت منهم على دين النبي"إبراهيم الخليل" (علية السلام) وتؤكد المصادر بأن الأغلبية ذهبوا الى القول بـ الزرادشتية، والمانوية، وآخرين عكفوا على عبادة الاوثان و عقائد شتى.
فكان قوم ربيعة و غسـان و قـضـاعة وآخرين على دين "النصـرانـية" .
و من كان على دين "اليهودية" ، هم حمير و کـنانـة و بني حـارث بن كعب و كندة .
وممن كان على دين "المجوسية" هم بنو تميم ومنهم ، زرارة بن عدس التميمي وأبنه حاجب بن زرارة .
أما قريش ، فقد كان من نصيب القوم هو "الزندقة" فيهم والتي أخذوها من الحيرة ، فقد كان بنو حنيفة اتخذوا إلها لهم من "حيس" فعبدوة ردحاً طويل من الدهر حتى أن مجاعة أصابتهم فأكلوه. (١)
(١) "الحيس" هو التمر و السمن و الطحين يخلط معا ويعجن جيداً و يسوى ثريد ويأكل.
بقلم غالب الحبكي/العراق