أمريكا بين التراجع والثبات وانهيار نفوذها بالشرق الأوسط.
في نهاية عام 2024 والاحداث الساخنة في المنطقة، لعل المراقب السياسي يقيم هذا التراجع للهيبة والنفوذ والتسلط الأمريكي في الشرق الأوسط، ومن هنا يعكس تحولاً كبيراً في السياسة الدولية ولعقود طويلة، كانت الولايات المتحدة حاضرة كـ.ـ.ـقوة مهيمنة على المنطقة، و تسيطر على العديد من الملفات والقضايا السياسية والاقتصادية والعسكرية، لكن اليوم بات واضحاً، و نلاحظ تغييرات جوهرية تعكس بداية ونهاية عصور وتأثيرات متعددة.
بدأت الولايات المتحدة تفقد قبضتها على مصادر القرار والهيمنة علية، و هذا التراجع يمكن أن يُعزى إلى عدة عوامل، من بينها الحروب والتدخلات المكلفة التي استنزفت الاقتصاد الأمريكي، مثل الحروب في العراق وأفغانستان، هذه الحروب لم تؤدي فقط إلى تآكل القوة الأمريكية، بل أثرت بشدة على الاقتصاد الداخلي والخارجي للولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، الدعم الأمريكي للأنظمة الاستبدادية في المنطقة أدى الى تآكل المصداقية الأمريكية وزيادة انعدام الثقة، مما ساهم في انهيار نفوذها في الشرق الأوسط، بالتالي ظهور المفاجئ لقوى جديدة في النظام العالمي، مثل الصين وروسيا، قلص النفوذ الأمريكي وظهرت عالمية جديدة هي متعددة الأقطاب.
التغيير السريع و التأثيرات على الخريطة السياسية والاقتصادية كانت واضحة، و التوترات والصراعات الداخلية في الدول المختلفة ازدادت وبات اوضح، وظهور جماعات راديكالية متصارعة والاقتتال المستمر فكك حقيقة النظام العالمي، كما أن التحالفات الدولية بدأت تتصدع، مما أدى إلى تفكك بعض المنظومات العسكرية والاقتصادية.
العامل الاقتصادي و الابتعاد عن التعامل بالدولار الأمريكي يبرز كمؤشر رئيسي لهذه التغيرات لانهيار الدولار الامريكي كعملة النقدية عالمية.
الحقيقة ربما لم يُسلط الضوء الإعلام عنها،و بشكل كافٍ على هذه التحولات، لكنها بدأت تظهر بوضوح، و من المتوقع أن يشهد النظام العالمي في المستقبل القريب تعددية في الأقطاب، حيث تتنافس قوى عديدة على النفوذ، وخاصة في الشرق الأوسط،ودول المنطقة ستكون لها القدرة الأكبر على اتخاذ القرارات وتقرير مصيرها بعيداً عن التأثير الأمريكي المباشر.
هذه التحولات تعكس تغييراً عميقاً في الديناميكيات العالمية وتشير إلى مستقبل مليء بالتحديات والفرص على حد سواء.
غالب الحبكي
كاتب واعلامي عراقي