المثـليـون بقلم الاستاذ الكاتب علي بـداي

.
المثليون..
كنا نهمّ بدخول قاعة إحتفال موسيقى الروك بمركز براغ ولم أكن وقتها أفهم من لغة البلاد التي وصلتها للدراسة للتو الابضع كلمات، حين إقترب مني شاب أشقر ناعم اقرب لمظهر فتاة وهمس بأذني شيئاً ، وبعد أن استنجدت بمن حولي لترجمة ماقال إتضح ان( ابن الضبعة!) الأشقر يريد القول: بدلاً من أن ترافق فتاة، أنا هنا! صُدمت ورفعت قبضتي بوجهه مهدداً بازدراء! وذات يوم سألت زميلتي الأوربية عن ابنيها فقالت: كلاهما بخير الا أنني مشغولة بالصغير فقد لاحظت لديه ميولاً مثلية! صُدمتُ وشعرتُ بالحرج فصمتُ الا انها واصلت: لا مشكلة، المهم أن أعرف ذلك مبكراً حتى أتهيأ لمتطلباته! ومضت السنون فإكتشفت بالصدفة ان زميلي في العمل وهو أكثر العاملين إجتماعية ولطافة كان مًثلَي الجنس! صدمت وصرت أتجنب اللقاء به!
منذ ذاك الوقت وموضوعة المثليين تشغلني. غصت في تأريخ أوربا وأمريكا فراعني وجود مثليين بين كبار مبدعيها : الأدباء والفنانون جان جينيه، مارسيل بروست ، دافنشي، جان كوكتو ، أندريه جيد ، توماس مان، والت وايتمان، تشايكوفسكي، رجل الدولة فرانسيس بيكون، الممرضة الإنسانية فلورنس نايتنجال ، سالي رايد أول رائدة وعالمة فضاء أمريكية، الان هارت الذي ساهم بمكافحة السل ، الان تورنغ رائد عالم الكومبيوتر وتعج متاحف الهند وكتب التراث العربي مثل الف ليلة وليلة، والأغاني، والامتاع والمؤانسة، وكتب الجاحظ، والتيفاشي بأخبار المثليين ( الغلمان) ويرد كذلك أن هند بنت النعمان عشقت زرقاء اليمامة، وترد في القرآن إشارة غامضة لهذه الظاهرة،: ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا
بقي السؤال: هل يمكن أن يكون كل هؤلاء منحطين أخلاقياً ؟
لم أنحز للمثلية أبداً لكني تيقنت من أنهم في اوربا ونحن في مجتمعنا نتحدث عن ظاهرتين مختلفتين تماماً هما المثلية الطبيعية في أوربا والمثلية القهرية عندنا. المثلية (الطبيعية) في أوربا ناشئة من ميول لاعلاقة للتربية والمجتمع بها ( مثلاً قال لي أحدهم أنا جسم رجل بمشاعر امرأة، ولدت هكذا ولم اختر مثليتي) و المثلية ( الاجتماعية) القمعية المتفشية في مجتمعاتنا ناتجة عن قهر واستغلال المجتمع البشع للضعفاء والمحتاجين ( عد الى مفهوم السبع والمخنث لعلي الوردي) وإنتبه ان العلاقة الشرعية بين الجنسين عندنا هي علاقة (إمتطاء) و (كسر عين) و (تخنيث) و (تسقيط) وفي تراثنا يقال كانت أسماء بنت بكر( تحت) عكرمة بن العبد ، أي انها كانت زوجته !
أما النوع الاوربي من المثلية وهي الطبيعية فهي مستترة عندنا ، ومجتمعاتنا لاتتناول هذه الظاهرة فنحن مجتمعات تعيش تحت وطأة الخوف من العار، لديها حياتان واحدة سرية وأخرى علنية ونحن نتغاضى ونتستر على الميول المثلية التي تنشأ مع صاحبها منذ الولادة ولانريد حتى التفكير بها ، بينما يعيش الأوربيون حياة واحدة علنية فيظهر فيها كل شيء. مرة أخرى أكرر ان الأمر ليس سهلاً و أعتقد لا أنا ولا أنت ولا غيرنا من الهيترويين يستطيع فهم مشاعر المثليين فنحن خلقنا هترويين وليس بإمكاننا تقدير أحاسيس غيرنا المثليين اي اذا ولد صبي بمشاعر وأحاسيس ونسبة هرمون إنثوي وبالعكس.
ربما تكون واحدة من أخطاء الطبيعة القابلة للتصحيح بعد حين من الزمن..من يدري؟




صاحب الإمتياز الاستاذ الإعلامي غالب الحبكي

أخـر الأخبار

3efrit blogger


المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة المــوقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

عدد الزيارات الأن

Translate

البحث

قسم الحفظ والأرشيف